البحث

لمسات غير حانية | حنان قدامة

post-title

هي خلاصة تجارب راكمتها اثناء اشتغالي مع احدى الجمعيات المهتمة بالاستشارة التربوية والأسرية .لا ادعي فيها نجاحا لكني اسجل فيها اعترافا بانني وفقت في ان افتح كوة تسلل منها شعاع امل خفف من حدة الم

لمسات غير حانية | حنان قدامة 

في صباح يوم مشرق التقيت في مقر الجمعية بالسيدة لطيفة ، أم شابة ودّعها الإشراق ونال منها الاحتراق نتيجة جرح عميق  ألم  بطفلتها "ياسمين " التي أطفأ ت مند أيام خلت شمعتها السابعة .                  
في غياب الصغيرة  رسمت لي السيدة لطيفة ملامح شخصية " ياسمين " طفلة جميلة   مثيرة  بالغة الذكاء والمرح  ،انقلب حالها فجأة، ذهب سناها غدت مملوءة بالصمت، مسكونة بالجزع والخوف ،لم تعد قادرة على   إخفاء  دموع عينيها، ولم تعد دميتها ترسم البسمة على شفتيها  .        .
لاحظت الأم انسحاب ياسمين الاجتماعي الفجائي وهي التي كانت تملأ الأماكن مرحا وحبورا .لاحظت تشتت ذهنها ورفضها الذهاب إلى المدرسة .                                                               .
حاولت مشيرتي السيدة لطيفة استمالة صغيرتها؛ لمعرفة سر تغير سلوكها غير أن ياسمين كانت لا تقوى على النظر إلى أ مها، كانت تشيح بوجهها عنها؛ ممتنعة عن الكلام .                                                    .                                                      .
ساءت حالة الطفلة؛ وبإلحاح قوي من الأم كشفت بصوت متهدج وبكلام متقطع عن تعرضها لاعتداء جنسي من طرف قريبهم الذي اشتعل رأسه شيبا  ومع ذلك- ومن وراء وقار مزيف -اغتال برعونة براءة الطفولة.
روعت الصدمة السيدة لطيفة ؛ أفقدتها الحكمة بعد أن انخرطت في 

العويل والصراخ أمام زهرة دابلة بجانبها تنتظر من يكفكف دموعا من خلا ئقها القهر .                                                             
بعد سكون وامتصاص الصدمة؛ طوقت السيدة لطيفة ابنتها بحنانها ، حرصت على دعمها نفسيا عسى ذلك يضمد جرحها الغائر الذي  لن يعالج  أكيد برشة ملح.                                          .
المعالجة.
لم تكد السيدة لطيفة تنهي حديثها حتى وجدت نفسي  أردد مع" إيليا أبو ماضي" بيته الجميل .                                                      
إن لم تكن لي أسيا أومواسيا 
فلا تك لواما وذرني وما بيا
وجدت البيت الشعري يختزل إلى حد ما المنهجية التربوية الرشيدة في التعامل مع الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية .                           
الاعتداء على البراءة وانتهاك  حرمة الطفولة شرخ نفسي؛ يحدث ويترك جراحا عميقة في نفسية المعتدى عليهم ، قد تفتك بحاضرهم ومستقبلهم ،فآثار الاعتداء قد تمتد إلى المدى البعيد ،وتظل ذكرياته الأليمة تطارد وتحاصر ذاكرتهم ووجدانهم، لكن حسن تدخل الأسرة في احتواء المشكل كفيل بتطبيب الجراح ومساعدة الطفل على تجاوزه دون آثار سلبية.
انطلاقا من هده الحقيقة التربوية رجوت "أم ياسمين "أن تترك الصراخ جانبا ؛ أن تتحلى بالهدوء والثبات الانفعالي من أجل بث  روح الأمان والسلام في نفس  الطفلة حتى تقوى على البوح ورواية ما حدث ؛فلا تتعرض لكبت نفسي تصطلي بناره في مستقبل الحياة  .            
أوصيت السيدة لطيفة وزوجها بالإبحار في عيون صغيرتهما ؛عدم الإشاحة  بوجههما عنها  لكي  تشعر ياسمين بتصديق أبويها لها، وتقرأ في عينيهما الحب والتقدير عوض النبذ والخزي.زيادة على ذلك فهذا الأمر سيحسس ياسمين بالأمان التام من العقاب ويعجل باستعادة اندماجهاالأسري والاجتماعي.                                                       
كان ضروريا أن أنصح السيدة لطيفة بالتواصل الشفيق مع الابنة والإنصات إلى مخاوفها ،عدم تحميلها مسؤولية ماحدث ، من اجل تخليصها من سطوة الشعور بالذنب والمعرة وحتى تضمن مستقبلا استواء ياسمين النفسي  وعدم انتقامها من نفسها ومجتمعها  .                               
لكي نحسن الكفالة النفسية لياسمين  نبهت والدتها إلى كسر حالة الشرود والسرحان التي غالبا ما تسيطر على الأطفال المغرر بهم  عبر صرف اهتمامها إلى ممارسة هواياتها التي ستشعرها بالرضا والأمان.
في مقابل كل هذا  حذرت الأم  الموجوعة من السقوط في فخ المبالغة في إغداق الحنان على ابنتها كي لا تجد نفسها بين مطرقة تضخيم الحدث و سندان الحماية الزائدة  .                                                     .
في ختام لقائي بالسيدة لطيفة أوصيتها بالعمل على حماية طفلتها من قريبها المعتدي الذي انطمست فطرته والذي يجب أن ينال عقابه الرادع مما سيعزز في نفس ياسمين دعم الأسرة لها . ..عدم خدلانها.وسيساعد في فعالية التأهيل  النفسي الدي تحتاجه ياسمين؛ عساه يطمئن قلب أم
لم تنم همومه ويشف فؤاد طفلة مكلومة غاب بدرها  قبل الشروق .