البحث

أثار الطلاق على الأبناء | حنان قدامة

post-title

في الأعوام الأخيرة ارتفعت بشكل ملحوظ نسبة الطلاق في البلدان العربية،يعزى هذا الارتفاع إلى مجموعة من الأسباب والعوامل   الاقتصادية والاجتماعية والصحية  وباء كورنا على سبيل المثال تؤدّي إلى فتور العلاقة الزّوجية وهشاشتها لتنفكّ عرى هذه الرابطة بانفصال الزوجين وطلاقهما .                                                 
ومهما اختلفت أسباب الطلاق فإن أثاره السّلبية تظلّ محاصرة لأفراد منزل الأسرة الوهن ،المتهدّم  على رؤوس مشيّديه ومؤسّسيه "الزّوجين "وعلى رأس ثمراته اليانعة "الأبناء"، لأن الأسرة نظام حيوي متشابك و متسلسل  يتكون من مجموعة من الروابط  والعلاقات المتشابكة، أي خلل يتعرض له أحد أفرادها فإن ناره تلسع  جميع مكوّناته.     
لا شكّ أن الطّلاق له تأثيرات  وتبعات خطيرة وسلبية على الأبناء، تنعكس على صحتهم النفسية وممارساتهم الحياتية، وتترك ندوبا وجراحا قابلة  للتّشافي، تبعا لعمر الأطفال وصلابة بنائهم النفسي ،تبعا أيضا لطريقة انفصال الوالدين ومدى تشبعهما بمفهوم الوالدية السّوية وامتلاكهما لأدوات الطلاق الناجح والإيجابي.                                  .
                                  . 
الآثار العاطفية والنّفسية .            
ــ الشّعور بالحرمان وعدم الأمان العاطفي، فالوالدان اللّذان كانا حاضرين سويّا في مشهد حياة الأطفال أضحى أحدهما غائبا عنه بسبب وقوع الطلاق، يفتقده الطفل والمراهق حين يحتاج إلى حضنه،  وقد يفقد الطفل ـــ خصوصا ـــ أحضان الطرف الذي يعيش معه في البيت  في حالة عدم تقبله وتجاوزه لصدمة الطلاق .                                  .         ظهور بعض الاضطرابات النّفسية والصّحية على الأبناء ــ خوف من فقدان الطرف الثاني ، توتر، إجهاد ، أرق ـــ ها ته إلا اضطرابات إذا لم يلتفت إليها الآباء قد توقع أطفالهم في شرنقة الاكتئاب ، وغالبا ما تلمس هذه الاضطرابات في مظاهرـــ التبول الليلي اللإرادي، التلعثم ، تدني التقدير الذاتي والتحصيل الدراسي ـــ.                                         
ــــ الإحساس بالذّنب فالطّفل قد لا يتحمّل هزّة طلاق والديه فتدفعه هشاشته النفسية إلى الشّعور بالذّنب وتحميل نفسه مسؤولية وقوعه وحدوثه، ليجدها  تقع في شرك جلد الذات ولومها، ويتركها فريسة نوبات بكاء متكررة وكوابيس ملازمة.               
الآثار الاجتماعية للطلاق على الأبناء
ـــ قد يفرض واقع إلا نفصال بين الزّوجين انسحابا اجتماعيا  على الأبناء نتيجة صعوبة توافقهم و تكيفهم مع الواقع الجديد الذي كرّسه طلاق الأبوين، لا سيما عند انتقال الأبناء إلى العيش في منزل أحد الوالدين ،الأمر الذي قد يؤدي إلى انسحاب الأطفال إلا اجتماعي،  تبدو ملا محه في حب الوحدة ،الانزواء وعدم مشاركة الأقران نشاطاتهم.                                          
ـــ ضعف التّواصل مع الغير  وعدم الرّغبة فيه نتيجة لتدنّي تقدير الذات لدى الأبناء  وشعورهم بالمعرّة                  .                          
ــ التعّرض للتّنمر اللّفظي والمعنوي  من طرف الآخر والذي قد ينتج عنه فقدان الثقة بالنفس والجنوح نحو العدوانية لدى الأبناء    .                        .   
الآثار السّلوكية للطّلاق على الأبناء.
في مرحلة ما بعد الطلاق التي غالبا ما تشهد مدا وجزرا بين الأبوين قد يغفل الطرفان مصلحة الأطفال  نتيجة انغماسهما في لعبة شد الحبل، فتظهر بعض السلوكيات غير السوية على الأبناء مثل الجنوح للعنف ،التنمر، العدوانية التي قد تطال أحد الأبوين المذموم والملام من الطرف الآخر      .  
توجيهات وإرشادات للتعامل 
مع الأبناء بعد الطلاق.
ـــ من اجل تقبل الأبناء لهزة الطلاق، ينبغي عل الوالدين الالتفات إلى مجموعة من الأمور والسلوكيات من أجل التخفيف من صدمة انفصالهما وتأثيرها على الأبناء  منها  :
ــ ضرورة تحلي الآباء بصفات الوالدية الناجحة التي تجعل سعادة الأبناء هي  قطب الرحى في علا قتهم ــ ما بعد الطلاق ــ تجعلها فوق أي نزاع....فوق أي ضغينة....فوق أي جرح .                                             
ــ عدم ذم الطرف الآخر والحديث عن مساوئه أمام الأبناء ،فإذا كانت العلاقة الزوجية قد انتهت بالطلاق ،على الزوجين إدراك واستعاب استمرار الرابطة الوالدية  من أجل ضمان السواء النفسي للأبناء                                     .                                                
الحرص على عدم لجوء الوالدين ــ خصوصا الأم ـــ إلى أسلوب الاستعواض ،استعواض الزوج السابق في الأبناء،تحميلهم ما لا يطيقون نفسيا واجتماعيا  وتكليفهم بمسؤوليات تثقل كاهل طفولتهم البريئة
 ــ مداومة الوالدين سويّا على مشاركة أطفالهم نشاطاتهم الاجتماعية كحضور حفلا تهم المدرسية وأعياد ميلادهم.
ــ عدم تعنت الوالدين ولجوءهم إلى حرمان الطرف الآخر من رؤية الأطفال ، فلهيب العناد والمشاكسة أول ما سيحرق سيحرق توازن فلذات كبدهم واستقرارهم النفسي والاجتماعي . 
ـــ ترك الأبناء على  جانب الحياد في مشكل الطلاق، فلا يطلب منهم  الانحياز إلى طرف دون الآخر، وليظل دوما الخيط المتين الذي يربط بين  الوالدين ويؤلف بين روحيهما.
ـــ عدم سقوط الوالدين المطلّقين في شرك التّدليل الزائد والحماية المفرطة بهدف إشباعهم عاطفيا وتعويض حنان الطرف الآخر الغائب ،  فالأطفال يضيعون بدون خطوط حمراء كما أن التّدليل والحماية الّزائدين يجعل منهم شخصيات نرجسية،تواكلية، فاقدة للثقة بالنفس         .
ـــ مساعدة الأبناء على التكيف مع واقعهم الجديد بعد الطلاق الذي يفرز تغييرات عديدة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي  كتغيير السكن ، الحي ،المدرسة وما يتبع ذلك من  تغيير الجيران، الأصدقاء، وزملاء الدراسة .