البحث

أنا نرجس - حنان قدامة

post-title

هي خلاصة تجارب راكمتها اثناء اشتغالي مع احدى الجمعيات المهتمة بالاستشارة التربوية والأسرة .لا ادعي فيها نجاحا لكني اسجل فيها اعترافا بانني وفقت في ان افتح كوة تسلل منها شعاع امل خفف من حدة الم .

 

في صباح يوم مشرق استقبلت مشيرتي نرجس  بصحبة والدتها. فتاة في التاسعة عشرة من عمرها فائقة الأناقة قوية النبرة  . أول ما لفت انتباهي في بداية حوارنا هو وعي نرجس بمشكلتها وإصرارها على تحديها بتطوير  ذاتها .    كانت المشكلة تتجلى في عدم قدرة نرجس على التفاعل الاجتماعي وبناء علاقات إنسانية ناجحة .   لأقطع الحبل الملتف على عنق نرجس استعنت بشريط طفولتها.      

قضت مشيرتي طفولتها في ظل والدين أغدقا على وحيدتهما فيض الحب والحنان؛ وألغيا كلمة" لا "من قاموس تعاملهما معها؛ وما دريا أن    التدليل  الزائد سيقول" نعم "لاضطرابات سلوكية ستعانيها مدللتهم وهي تخطو أهم خطواتها في شارع  الحياة .                                     

انتاب نرجس زهو داخلي وشعور بالعظمة و والكمال جعلها دائما تبحث عن الألمعية ونظرات الاستحسان والإعجاب مهووسة بتضخيم انجازاتها في مقابل تسفيه أعمال الآخرين وتبخيسها .                               

وهم كمال نرجس شممت ريحه في أسلوب حديثها؛ كانت غالبا تبدأ جملها التعبيرية وتنهيها بضمير المتكلم" أنا" .                                    

"أنا" نرجس جعلها تفقد صداقات وعلاقات عديدة ؛ فهي شخصية يصعب إرضاِؤها، سريعة الغضب عندما تنتقد، ميالة إلى الكذب، تسجن معارفها في زنزانة المن والاعتراف بالجميل .تضافرت كل  هذه الاضطرابات السلوكية لتفرض على نرجس عزلة وانطواء عجلا لقاءي بها.

 

معالجة الحالة

اللافت في حالة نرجس بعدها الاجتماعي الذي يتجلى في فشلها في 

بناء علاقات اجتماعية؛ الملاحظ أيضا أن منبع المشكلة نشأتها في كنف والدين بالغا في تدليل ابنتهما الوحيدة مماجعلها تعيش كمالا موهوما   وزهوا مزيفا أسقطاها في شرك نرجسية مدمرة .عملت جاهدة على تخليصها منها وساعدني في ذلك وعيها وإدراكها مشكلتها .             

.لم أضيع وقتا،  نبهت نرجس أن صفة التكبر لا تليق إلا بالخالق الذي ما أحب عبدا نازعه صفاته.                                                    

"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار"                                                      حديث قدسي                 

أردت أن ابعد نرجس عن دائرة الألم، وضحت لها ا ن  الإنسان مفطور على  التعارف والاندماج الاجتماعي ، ومن ثمة فالسجن الانفرادي يكون أحيانا عقوبة متعمدة للسجين ، فحري بالإنسان أن يحرر نفسه من زنزانة التمركز حول الذات وازدراء الغير ويحلق في فضاء تقديرها والتودد للآخر .                                                                         

حتى لا تأخذها العزة بإثم الكبر والاستعلاء، اقترحت على نرجس الانخراط في الأعمال الاجتماعية التي ستشعرها بجمال التفاعل 

الإنساني وستجعلها تذيب ملح نرجسيتها في شهد التلاحم الاجتماعي. اقترحت عليها أيضا الإكثار من الصدقات السرية لكي تروض نفسها المكابرة، فترجو ثناء الخالق لا المخلوق.                           

في آخر جلستي مع نرجس وجهتها إلى ممارسة هوايتها المفضلة المسرح وممارسة الرياضة الجماعية فهما سيتيحان لها .التواصل مع الآخر كما سيزرعان في نفسها.قيم التعاون والتكاتف الاجتماعيين  .فالحبل كلما قرن به حبل آخر قوي واشتد والنحلة الوحيدة لا تجني العسل.